[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قبل فجر 2 مايو بساعتين تقريبا اقتحمت قوات ا...لنخبة الخاصة الأمريكية البيت الذي كان يقيم فيه أسامة بن لادن وزوجته وأربعة من أولاده وبعض الحراس. حمل الجنود الأمريكيون معهم أجهزة لتصوير العملية وبثها مباشرة إلى غرفة القيادة بالاستخبارات الأمريكية المركزية، ووصلة أخرى تبث للبيت الأبيض حيث تابع أوباما وحوالي عشرين من كبار مستشاريه وأعوانه سير العملية لحظة بلحظة.
قام الجنود بتمشيط الطابقين الأرضي والأول بسرعة وقتلوا في طريقهم ثلاثة من الحراس وامرأة، ثم صعدوا للطابق الثاني حيث يقيم بن لادن. اقتحمت فرقة النخبة غرفة نوم بن لادن لتجده وحده مع زوجته وبدون أي سلاح. اندفعت زوجته باتجاه الجنود بشكل تلقائي وفطري تدفعهم بيديها بعيدا عن زوجها. لم تفكر في نفسها، لم تفكر في الصراخ أو الاختباء، امرأة عفيفة تفاجأ بفرقة جنود مدججين بأحدث الأسلحة وأشدها فتكا تقتحم كل خصوصية لها وزوجها. لم يتردد الجنود في إطلاق النار على ساقها من مسافة قريبة جدا فخرت على الأرض تنزف وتتلوى. انقض الجنود الأشاوس على الشيخ المنهك، الذي هدته أمراض عديدة أقلها الفشل الكلوي. رأوا يديه عاريتين من أي سلاح ومع ذلك أطلقوا النار على رأسه وصدره بدم بارد.
التفاصيل السابقة رواها جاي كارني المتحدث الرسمي للبيت الأبيض في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 3 مايو، ومخالفا ومكذبا لما كان أعلنه مستشار أوباما الأول لمكافحة الإرهاب جون برينان في اليوم السابق بأن بن لادن كان مسلحا.
الذي يعرف أسامة بن لادن يثق بأنه في تلك اللحظات الحاسمة وبعد إطلاق النار على زوجته أنه كان يتمتم بالشهادة، وأنه كان يحتفظ بهدوئه وتوكله على الله كاملا. كانت الكاميرات تقذف بنبضاتها عبر الأثير وعبر آلاف الكيلومترات وعيون العشرات من أوباما وأعوانه وقيادة استخباراته تحدق في الشيخ الجالس بطمأنينة بلا سلاح، ثم تحدق أكثر وهي تتفرج على إعدامه بإطلاق النار على رأسه وصدره من مسافة متر واحد بأيدي قتلة من النخبة. لابد أن ملامح وجهه تكسوها الثقة في الله تعالى قد أربكت الجنود الأبطال ورمت بسهامها في قلوب القادة الأمريكيين الذين كانوا يتابعون الإنجاز الوحشي بإعدام شيخ أعزل من السلاح.
لا نعرف بالضبط لماذا بادر الجنود بإطلاق النار ولم يلقوا القبض على بن لادن حيا مع أن هذا أفضل لهم من كل وجه، لكن الذي نعرفه أنه من لطف الله بأسامة أنه لم يقع في ذل الأسر.
بادر الجنود بإجراءات لأخذ عينة لفحص الحامض النووي، وبادروا بحمل الجثمان الطاهر إلى سطح البيت حيث كانت تنتظر طائرتان مروحيتان. في لحظات كانت روح أسامة في عالم آخر بينما صرخ قادة الاستخبارات وقفزوا فرحا واحتضن بعضهم بعضا على الإنجاز الكبير. في البيت الأبيض كان رد الفعل مختلفا. يبدو أن قسوة نفوس السياسيين لم تصل بعد لقسوة عسكرهم ووحشيتهم.
أسرعت القيادة السياسية بكتابة البيان الذي سيلقيه أوباما على أمته وعلى العالم، تم اختيار كلماته بكل دقة. وبعد حوالي ساعة خرج أوباما ليعلن لحظة الانتصار التي طال انتظارها لسنوات طويلة. لكن يبدو أن ملامح وجه أسامة في لحظات حياته الأخيرة كانت تخايل ذهنه بقوة.
قام أوباما بقراءة البيان بفصاحته وطلاقته المعهودة، لكنه كان واجما عابسا لم ترتسم على وجهه ولا ظل ابتسامة مع أنه يعلن انتصارا رائعا كما قالت كلمات البيان المكتوب. داخل كل إنسان استعداد مغروس للخير والشر (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).. شاهد بيان أوباما مرة بعد مرة لترى هذا القلق وذلك الشعور بالعار وهو يعلن خبر الانتصار. إنها مفارقة عجيبة.
في مساء نفس اليوم كان أوباما يحضر حفل عشاء خيري وقد اجتمع علية القوم حول موائد الطعام والشراب والخمور، ولا عجب في ذلك في ثقافة القوم أن تقتل في الصباح وتحضر حفلا خيريا في المساء. ألقى أوباما كلمة قصيرة جاءت فيها هذه العبارة "أعتقد أننا متفقون أننا نعيش الآن يوما جيدا لأمريكا .. أليس كذلك؟". كان الوجوم على وجهه لم يتغير. في نفس الوقت تقريبا كان جثمان أسامة يوضع في حقيبة ثقيلة على متن حاملة طائرات أمريكية ثم يتم إلقاؤه في بحر العرب لتستقر في قاع البحر تمامًا تمامًا في البقعة التي قدرها الله لتكون مثوى أسامة الأخير والتي منها يبعث يوم القيامة.
في مساء اليوم نفسه بثت شبكة ABC أول صور من داخل بيت بن لادن الذي لقي فيه ربه. أظهرت صور الفيديو بيتا غاية في البساطة. مطبخ بأرفف خشبية بسيطة ومنضدة متهالكة وموقد غاز بدائي، آثار بقع الدم على الأرض بجانب السلم الصاعد للطابق العلوي. الآثار تدل على سحب الجثث النازفة. غرفة المعيشة عبارة عن سجادة كبيرة على الأرض وبدون أثاث. هذا هو متاع الدنيا الذي أحاط بأسامة بن لادن عند موته.
كنت دائما أخالف اجتهادات أسامة بن لادن السياسية - مثلي مثل كثيرين – لكن أحدا لم يشك لحظة في إخلاص الرجل ونبله وتضحياته العظيمة من أجل قضيته التي آمن بها وقدم شبابه وحياته رخيصة من أجلها. كان عابدا زاهدا برغم أجواء الترف التي نشأ فيها وترعرع في نعومتها. عندما يهدأ الصخب الإعلامي لآلة الغرب الشيطانية، ستظهر قامة الرجل وسيجلو معدنه الثمين.
لا أدري لماذا تذكرت حصار أربعين من الشباب من كفار قريش لبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة الهجرة وقد تآمروا على قتله وتفرق دمه في القبائل. ظل الشباب الأربعون مرابطين طوال الليل ينتظرون خروجه ليضربوه بسيوفهم ضربة رجل واحد، ولم يخطر ببالهم أبدا أن يقتحموا عليه حرمة بيته. إنها أخلاق ونفوس علمها الله واختارها لحمل رسالته الخاتمة.
رحم الله أسامة بن لادن وغفر له وأسكنه فسيح جناته.