الحمد لله الذي أرسل إلينا رسوله يخرجنا من الظلمات إلى النور ..من ظلمات الجهل إلى نور العلم ومن ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة .وبعد فقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدة أمور تعيننا على الصيام ، وتلك الأمور فيها من الحكم والفوائد الصحية الشيء الكثير.
*فمن ذلك الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا فيها بأكلة السحر ففي الصحيحين عن أنَس رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "تسحروا فإن في السحور بركة" .
وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور"، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "السحور أكلة بركة فلا تَدَعوه ولو أن أحدكم تجرَّع جرعة ماء، فإن اللّه وملائكته يصلون على المتسحرين" رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري.
ويستحب تأخيره كما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: تسحرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، فقال أنَس قلت لزيدٍ: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية. وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم : "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور" رواه أحمد عن أبي ذر الغفاري
فهنا بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن في السحور بركة وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى فما هو سر هذه البركة المشار إليها في الحديث؟؟.
إنها بركة شرعية باتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم واقتفاء سنته وطريقته
وبركة شرعية أيضاً بمخالفة اليهود والنصارى لأنه صلى الله عليه وسلم أن فصل ما بيننا وبين أهل الكتاب أكلة السحر
وبركة شرعية نستنبطها من الخيرية التي تبقى مصاحبة لهذه الأمة طالما كان أهلها يؤخرون السحور ويعجلون الفطر
وبركة بدنية صحية تتضح جلياً في سبق الصيام بأكلة السحور ويزداد وضوحها إذا تأخر السحور..والسر في البركة التي تتحقق من تأخير السحور هو فهي تبقي الطعام لفترة لا بأس بها في البطن مما يسبب نوعاً من الشبع النسبي وعدم الإحساس بالجوع لفترة معينة
وهنا يأتي إشكال وشكوى تتكرر كثيراً مفادها أن بعض الصائمين يصابون بصداع بسبب الصيام وخصوصاً في الأيام الأولى للصيام والحل في هذا يأتي من طريقين :-
الطريق الأول : الوقاية بمعنى أن أكثر أسباب هذا الصداع إنما تنشأ بسبب اعتياد المرء على تناول المنبهات مثل الشاى والقهوة وأشباههما فإذا صام الإنسان انخفضت نسبة هذه المكونات في الدم فيحدث الصداع بسبب اعتياد المرء عليها ولهذا لإإن أسلوب الوقاية يتمثل في الإعداد المسبق لصيام الشهر بالتخفيض التدريجي في عدد مرات احتساء الشاي والقهوة حتى لا يتعرض الصائم لمثل هذه الأزمات.
والطريق الثاني فهو ما ينصح به الأطباء لمن كان يصاب بالصداع بسبب الصيام:-
1- أن يحافظ على وجبة السحور
2- أن يجتهد في تأخيرها قبل الفجر قدر المستطاع
3- أن يزيد من المحتوى البروتيني في الوجبة كاللحوم واليض والحليب وبعض البروتينات النباتية
كالفول والعدس لأن البروتينات يتأخر هضمها وتبقى فترة أطول قد تصل إلى ست ساعات مما يسب الإحساس بالشبع النسبي ويبقى مستوى السكر مرتفعاً في الدم فيقلل الإحساس بالصداع
تعجيل الفطر:- وهذه وصية أخرى في غاية النفع إذا راعينا الآتي:-
1- التعجيل بالفطر عند دخول وقت الإفطار
2- الفطر على رطبات
3- أن يكون إفطاره على الرطبات قبل أن يصلي
4- أن يصلي بعد الإفطار على التمرات ثم بعد صلاته يرجع ليستأنف طعامه
وهذا التوجيه يتضح في الحديث الذي رواه أبو داود عن أنس قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء. أخرجه الدارقطني وقال فيه: إسناد صحيح.والسر في الإفطار على هذا النحو أنك عندما تأكل هذه المواد الغنية بالسكريات وخصوصاً سكر الجلوكوز الذي يرتفع في الدم في خلال دقائق فإن هذا يساعد على إعادة مستوى السكر إلى معدله.
والسر في الفصل بين الرطبات وبقية الإفطار بفترة زمنية تستغرق في الصلاة أنك لو ملأت هذه المعدة الفارغة بالطعام مرة واحدة لشعر الإنسان بالخمول وأصيب بالتخمة
ومن توجيهاته أيضا صلى الله عليه وسلم النهي عن الوصال : فيقول {إياكم والوصال إياكم والوصال} أخرجه البخاري قالوا إنك تواصل يا رسول الله قال : {لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني}، وفي البخاري عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) قالوا: فإنك تواصل يا رسول اللّه؟ قال: (لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم وساق يسقيني).والعلة من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال أن الإنسان إذا طالت فترة صيامه عن المعتاد(12-16) ساعة تبدأ السكريات في النفاذ ثم يبدأ الجسم في استنفاذ مخزون الدهون والجليكوجين مما يؤثر على العضلات وغيرها ومما لا شك فيه أن الإكثار من الطاعات كالصلاة والقيام يجعلنا نتخلص من الزائد من الشحوم والدهون مما يجعل المسلم يصوم وهو في أفضل حالات لياقته البدنية والذهني
في الحقيقة يحق لنا أن نفخر بهذا الإعجاز الطبي في الصيام وان نفخر بشريعتنا الغراء ..وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .