سمير زاهر
رغم مرور ما يقترب من عشرة أشهر على إندلاع أحداث 25 يناير، والتي تحولت لثورة بعد خروج الشعب للمطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك، إلا أن الأوضاع الكروية في مصر مازالت كما هي، لم تتمكن الثورة من أن تمسها بتغيير أو تنالها بهذه الحالة من الحراك التي تميز جميع مجالات الحياة بعد هذا الحدث الجلل.
فمنذ أن اشتعلت الأوضاع في مصر، وتطورت الأحداث السياسية في البلاد، جاءت وزارات وذهبت أخرى، وتمسك المصريون بحكم المجلس العسكري ثم رفضه البعض وطالبوه بالتنحي، وذلك قبل أن تقام الإنتخابات التشريعية في البلاد التي إنبهر الكثيرون بها، وانتقدها البعض لعدد من السلبيات، كل هذا، وظل اتحاد الكرة المصري بعيداً عن أي تغيير، كما ظل مسئولوه في كوكب آخر لا يجرؤ أحد أن يسألهم عن مواقفهم، ولا يمكن لأحد أن يثنيهم عما يرغبون في تمريره أو تطبيقه.
الذي رصد الأوضاع داخل الاتحاد بعد الثورة، وجد الكثير مما يسترعى الإنتباه، ويستطيع الإجابة على السؤال الحائر بين جماهير الرياضة المصرية، وهو "هل وصلت الثورة لاتحاد الكرة؟" أم أن هذا الاتحاد لا يجرؤ أحد على المساس به، وبالتالي فإن الجميع مجبر على تحمل مسئوليه حتى نهاية فترتهم ورحيلهم محملين بسخط المصريين وغضبهم على كل ما إرتكبوه من جرائم في حق الكرة المصرية.
وعلى الرغم من وجود العديد من الشخصيات المحترمة داخل الاتحاد، إلا أن هذا لا يمكن أن يشفع لتلك المنظومة بعد ما وجهته من إساءات للكرة المصرية، خاصة فيما يتعلق بالمقربين ودائرة الثقة القريبة من صناعة القرار داخل "الجبلاية"، والتي دأبت على
خداع الرأي العام ومحاولة إظهار رجال الاتحاد على أنهم ناجحون وهم أبعد ما يكون عن ذلك الوصف.
فضائح اتحاد الكرة ليست بحاجة إلى إبرازها فهي واضحة للعيان لا يستطيع أن ينكرها عاقل، لكن كبرى الفضائح هي أن تجد "الجبلاية" لنفسها أبواقاً تدافع عن أخطائها، وذلك في عباءة "مستشارين إعلاميين" يتقاضون ألاف الجنيهات فقط لتلميع مسئولي الاتحاد وتجميل أخطائهم أمام الرأي العام.
وبنظرة سريعة داخل المنظومة، يستطيع المتابع أن يجد عدد كبير من "الملمعين" أو "المستشارين" سابقاً في دائرة الجبلاية، يقودهم كبيرهم ماجد نوار الصحفي بالجمهورية، والذي كان يعمل رئيس تحرير لمجلة الكرة المصرية الصادرة عن الاتحاد، والتي لا توزع سوى 38 نسخة، ورغم ذلك يتقاضى سبعة ألاف جنيهاً عن عمله بها.
وكي تضمن الجبلاية استمرار التلميع حتى بعد توقف المجلة، عينت نوار مستشاراً إعلامياً بنفس الراتب، ومن وقتها ولم يكف هذا الأخير عن إرتكاب جرائمه في حق الرياضة المصرية، وذلك باقحام "الجمهورية" في مشاكل اتحاد الكرة واستغلالها للهجوم على أي شخص تسول له نفسه أن ينتقد مهازل تلك المنظومة ومواقفها الهزلية التي تثير الضحك وفي أحيان أخرى البكاء.
ولم يكتف نوار بالدفاع عن الاتحاد بعد فضائحه في إلغاء الهبوط وما تبع القرار من أزمات ستتضح معالمها أكثر في المستقبل القريب، وأيضاً فضائحه الأخيرة في لقاء البرازيل الودي، وهو اللقاء الذي وصفه أحد أعضاء مجلس إدارة الاتحاد بـ "المشبوه"، بل دافع عن سمير زاهر رئيس الاتحاد مهاجماً بحدة وعنف بعض من زاروه في المستشفى بعد الوعكة الصحية التي ألمت به، ومنهم مجدي عبد الغني عضو الاتحاد، وأيضاً شخصيات دأبت على إنتقاد اتحاد الكرة، مؤكداً أنهم غير مرحب بهم لأنهم ينتقدون الرجل الأول في الجبلاية باستمرار، وهو موقف يثير السخرية من خلط "غير مهني" بالمرة بين المواقف الشخصية بزيارة شخص مريض أو ما شابه، وبين العمل بمهنية في الصحافة والإعلام، والذي يجبر صاحبه على توضيح كل الحقائق للجماهير بلا رتوش، وترك الحكم والرأي النهائي لهم.
مواقف نوار ومن على شاكلته تجيب بكل تأكيد على السؤال المثير للجدل عن علاقة اتحاد الكرة بالثورة، ومتى ستصل تأثيرات هذه الأخيرة للجبلاية، حيث سيتوجب على الجماهير أن تواصل متابعتها للمزيد من الفضائح، وترقبها للمزيد من المهازل في المستقبل القريب، مدركة أنه لا أمل في التغيير إلا برحيل هذا الاتحاد في نهاية فترته، وتلاشي "ملمعيه" غير مأسوف عليهم.