الاضطرار.
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الله سخر هذا الكون لخدمة الإنسان، وخلق الإنسان من أجل العبادة لنستشعر عظمته ومحبته، ونعبده ونحن نمجده (هذا لبد من استحضره أثناء العبادة).
عبادة مع محبة وشعور بعظمة الخالق والحاجة إليه وخوف من الباري.
هناك شعور يجب أن نشعر به ونحن نأدي العبادة بل في كل وقت ويجب أن نعيشه. وهو الشعور بالحاجة إلى الله إلى درجة الاضطرار.
فمثلاً أغلب الطلاب عندما يتخرجون من الجامعة يبحثون عن عمل. فتراه يذهب إلى فلان وعلان من أجل الواسطة لأنه يشعر أنه مضطر لهم ومحتاج لهم. وبعض الأحيان ينذل لهم لأنه مضطر لهم كما يعتقد.
ولله المثل الأعلى.
هو ليس مجرد شعور بل إنه حقيقة، سواءاً كان الإنسان مسلماً أم كافراً بل نحن مضطرين إلى الله سواءاً شئنا أم أبيناً. قال تعالى: " ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ".
لأنه من لا يشعر هذا الشعور ممكن أن يعبد الله سنوات عدة وهو يشعر أنه يعبد الله تطوعاً، وكأنه يمن على الله.
ومن هذا المنطق نرى كثير من الناس يتوقفون على الأحاديث والأيات، يسألون من باب المناظرة ليس من باب الفهم والتسليم. فيقولون: لماذا أمر الله بهذا؟؟؟ ولماذا نهى الله عن هذا؟؟؟ ولا يذعن للأمر والنهي بالتسليم.
ومقتضى هذا الفعل من حيث لا يشعر يحاول أن ينصب نفسه حكماًعلى الله والعياذ بالله. فمثل هذا أن يقول هذا الحكم غير لائق ... وغيرها. ونتج هذا الفعل لأن كثير من الناس لا يفقهون معنى الاضطرار إلى الله.
جاء قوم مسلمون جدد إلى رسول الله, فسألهم النبي: من أنتم؟؟ فأجابوا نحن مؤمنون, فاستشعر النبي منهم المنه. ولكن لحياءه لم يقل شيئاً. فأنزل الله الأيه: "يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بالله يمنوا عليكم أن هداكم للإسلام ()".
وهذا خطأ كبير وهو أخطر من الكبائر، لأنه مرض خفي قلبي لا يظهر للإنسان ولا يعرفه كثير من الناس، ولكن الزنى معروف لدى الإنسان فإن أذنب استغفر. فكل جاهل ومعطل للعقل يقع في هذا المرض النفسي الخطير. يا إنسان يا ضعيف يامن يقضي حاجته في الخلاء ليس بقرار منك، يامن قلبك والكبدك يعملان ليس بقرار منك. قال تعالى:"وهو القاهر فوق عباده".
يا إنسان في بداية الأمر شغل عقلك لتصل إلى الله وعند الوصول يجب التسليم. فال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة في الأمر". نحن مضطرون لله ليس باختيارنا. فأنت ليس بيدك شيء يا إنسان. إلا في إختيار طريق الصواب أو طريق الخطأ. وضعاف الإيمان يسخطون على الله في بعض الأمور بسبب منع الله لبعض الأشياء كالرزق وغيره لحكمة. فربما اعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك.
فالإنسان يغلو في نفسه حتى ينصب نفسه إله وهو لا يشعر. من أنت يا إنسان الذي لا تملك روحك التي يبن يديك؟؟
جاء ملك لمدينة فالناس يتهافتون عليه إلا وشخص فستغرب الملك. فسأله لماذا لم تسلم علي؟؟ ألم تعرفني؟؟ فقال الرجل؟؟ بلى. أولك نطفة قذرة وآخرك جيفة نتنة وبين ذلك علبة تحمل العذرة. (النتن والقذر والنجس) فقال الملك لقد عرفني الرجل.
قال تعالى:"يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم () الذي خلقك فسواك فعدلك () في أي صورة ما شاء ركبك ()".
كان من أحب الوصف الذي يحبه الرسول "عبد الله ورسوله" ليس تواضعاً بل هو يعيش ويشعر وضع العبودية. فكان يأكل مثل العبيد بالتشهد أو القرفصاء. لأنه يعيش حياة الإضطرار إلى الله.
لا يوجد إنسان سوف ينفع الله او يضره مهما كانت معاصيه أو طاعته. فنحن مضطرون إلى.
الله لأن العبادة تنفعنا نحن والمعصية تضرنا نحن.
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين