دائما مانردد كلمة صبر أيوب
فهل تعرف على ماذا صبر
نبي الله أيوب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أيوب عليه السلام ..
نبى من أنبياء اللهالعظام الذين جاء ذكرهم فى القرآن الكريم .. يعرفه العام والخاص ، فحين يضربون مثلاللصبر يقولون " صبر أيوب "
(1)
فيا تُرى ما قصةُ أيوب عليه السلام ..
أيوب عليهالسلام من ذرية يوسف عليه السلام ، تزوج سيدة عفيفة.
وأيوب عليه السلام وزوجتهالكريمة يعيشان فى منطقة " حوران "
وقد أنعم الله على أيوب عليه السلام بنعمكثيرة فرزقه بنينًا وبنات، ورزقه أراضى كثيرة يزرعها فيخرج منها أطيب الثمار .... كما رزقه قطعان الماشية بأنواعها المختلفة .. آلاف من رءوس الأبقار ، آلاف رءوس منالأغنام ، آلاف من رءوس الماعز وأخرى من الجمال .
وفوق ذلك كله أعلى اللهمكانته واختاره للنبوة .
وكان أيوب عليه السلام ملاذًا وملجئًا للناس جميعًاوبيته قبلة للفقراء لما علموا عنه أنه يجود بما لديه ولا يمنعهم من ماله شيئًا .
و لا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا، و بلغ من كرمه عليه السلام أنه لم يتناولطعامًا حتى يكون لديه ضيفًا فقيرًا .
هكذا عاش أيوب عليه السلام ..
يتفقدالعمل في الحقول والمزارع ، ويباشر على الغلمان والعبيد والعمال ، وزوجته تطحنوبناته يشاركن الأم ..
وأبناء أيوب عليه السلام يحملون الطعام ويبحثون عنالفقراء والمحتاجين من أهل القرية ، والخدم والعمال يعملون في المزارع والأراضىوالحقول .
و أيوب عليه السلام يشكر الله .. ويدعو الناس إلى كل خير وينهاهم عنكل شر .
أحب الناسُ أيوب عليه السلام .. لأنه مؤمن بالله يشكر الله على نعمه .. ويساعد الناس جميعاً .. ولم يتكبر بما لديه ، من مزارع وحقول وماشية وأولاد ..
كان يمكنه أن يعيش في راحة ، ولكنه كان يعمل بيده ، وزوجته هي الأخرى كانت تعمل فى بيتها ....
(2)
راح الشيطانيوسوس للناس يقول لهم: إن أيوب يعبد الله لأنه أعطاه هذا الخير العميم والفضلالكثير من البنين والبنات والأموال من قطعان الماشية والأراضى الخصبة .. فأيوب يعبدالله لذلك وخوفا على أمواله . ولو كان فقيرًا ما عبد الله ولا سجد له ...
ووجدالشيطان من يسمع له ويصغى لما يقول من وساوس .. فتغيرّت نظرتهم إلى أيوب عليهالسلام وأصبحوا يقولون :
" إن أيوب لو تعرض لأدنى مصيبة لترك ما هو فيه منالطاعة والإنفاق فى سبيل الله .. ألا ترون كثرة أولاده وكثرة أمواله وكثرة أراضيهالمثمرة ، فلو نزع الله منه هذه الأشياء لترك عبادة الله بل سينسى الله ..
ورويدًا رويدًا ..
تحول أهل حوران إلى ناقمين على أيوب عليه السلام بعدماكانوا يحبونه حبا جما .. وأصبحوا يرون أيوب عليه السلام من بعيد فيتحدثون عنه بصورةمؤذية .
(3)
بدأت المحنة والابتلاءمن الله تعالى . .
فبينما كان كل شيء يمضي هادئاً . . فأيوب عليه السلام حامدًاشاكرًا ساجدًا لله تعالى على نعمه الكثيرة .. وأولاده ينعمون ويشكرون الله .. والعمال والعبيد يعملون في الأراضي والمزارع ..
زوجة أيوب عليه السلام كانتتطحن في الرحى . .
وبينما الجميع فى عافية من أمره مغتبطًا مسرورًا ، إذ وقعتالابتلاءات والمحن ..
فجاء أحد العمال يجرى ويصيح :
ـ يا سيدى .. يا نبىالله ؟!!
ـ ماذا حصل ؟! تكلم .
ـ لقد قتلوهم . . قتلوا جميع رفاقي . . الرعاة والفلاحين . . جميعهم قتلوا جرت دماؤهم فوق الأرض . . .
ـ كيف حدث ذلك؟!
ـ هاجمنا اللصوص . . وقتلوا من قتلوا وأخذوا ما معنا من ماشية .
أيوب عليه السلام أخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون . . .
إن الله سبحانه شاء أنيمتحن أيوب .. وأراد أن يبين للناس أن أيوب عليه السلام رجلاً صابرًا محتسبًا ولايعبده لأنه فى غنى وعافية.
في اليوم التالي نزلت الصواعق من السماء على أحدالحقول التابعة لما يملكه أيوب عليه السلام .. وجاء أحد الفلاحين .. كانت ثيابهمحترقة وحاله يُرثى له ..
هتف أيوب عليه السلام :
ـ ماذا حصل ؟!
ـالنار ! يا نبي الله النار !!
ـ ماذا حدث ؟
ـ احترق كل شيء . . لقد نزلالبلاء . . الصواعق أحرقت الحقول والمزارع . . أصبحت أرضنا رمادًا يا نبي الله . . كل رفاقي ماتوا احترقوا .
قالت زوجة أيوب عليه السلام :
ـ ما هذه المصائبالمتتالية ؟!
ـ اصبري يا امرأة . . هذه مشيئة الله .
ـ مشيئة الله !!
أجل .. لقد حان وقت الامتحان .. ما من نبي إلاّ وامتحن الله قلبه.
نظر أيوبعليه السلام إلى السماء وقال بضراعة :
ـ الهي امنحني الصبر ...
في ذلكاليوم أمر أيوب عليه السلام الخدم والعبيد بمغادرة منزله .. والرجوع إلى أهاليهموالبحث عن عمل آخر .
وفى اليوم التالى .. حدثت مصيبة تتكسر أمامها قلوب الرجال ..
لقد مات جميع أولاده البنين والبنات ، حيث اجتمعوا فى دار لهم لتناول الطعامفسقطت عليهم الدار فماتوا جميعا .
وازدادت محنة أيوب عليه السلام أكثر وأكثر ..
فلقد اُبتلى فى صحته ....
وانتشرت الدمامل فى جسمه ..
وتحول من الرجلالحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع .
ولم يبق معه سوى زوجته الطيّبة ..
أصبح منزله خالياً لا مال له ، لا ولد ، ولا صحة ..
عَلَّمَ أيوبُ عليهالسلام زوجته أن هذه مشيئة الله ، وعلينا أن نسلّم لأمره ...
حاول الشيطاناللعين أن ينال من قلب أيوب عليه السلام ، فأخذ يوسوس إليه من كل جانب قائلا : ماذا فعلت يا أيوب حتى يموت أولادك وتصاب فى أموالك ، ثم تصاب فى صحتك .
فاستعاذأيوب عليه السلام بالله من الشيطان الرجيم .. وتفل على الشيطان الرجيم ففر من أمامه . وكذلك فعلت زوجته وطردت وساوس الشيطان .
وكان أيوب عليه السلام لا يزداد معزيادة البلاء إلا صبرًا وطمأنينة .
(4)
ويأس الشيطان من أيوب وزوجته الصابرين المحتسبين .
فاتجه إلىأهل حوران ينفث فيهم الوساوس حتى جعلهم يعتقدون أن أيوب عليه السلام أذنب ذنباًكبيراً فحلّت به اللعنة ..
ونسج الناسُ الحكايات والقصص حول أيوب عليه السلام .. وتطور الأمرُ أكثر حتى ظنوا أن في بقائه خطرًا عليهم . .
وعقدوا العزم أنيخرجوا أيوبَ من أرضهم ..
وجاءوا إلى منزله .. لم يكن في منزله أحد سوى زوجتهقائلين :
نحن نظنّ أن اللعنة قد حلّت بك ونخاف أن تعمّ القرية كلها .. فاخرج منقريتنا واذهب بعيداً عنا نحن لا نريدك أن تبقى بيننا .
غضبت زوجته من هذاالكلام قالت : نحن نعيش في منزلنا ولا يحق لكم أن تؤذوا نبي الله فى بيته وفى عقرداره ..
فردُّوا عليها بوقاحة : إذا لم تخرجا فسنخرجكما بالقوّة ..
لقدحلّت بكما اللعنة وستعمّ القرية كلها بسببكما ..
حاول أيوب عليه السلام أنيُفْهِمَ أهل القرية أن هذا امتحان وابتلاء من الله ، وأن الله يبتلى الأنبياءابتلاءات شديدة حتى يكونوا مثلا ونموذجًا لتعليم الناس .
قالوا له : ولكنك عصيتالله وهو الذي غضب عليك .
قالت زوجته : انتم تظلمون نبيكم ..
هل نسيتمإحسانه إليكم هل نسيتم يا أهل حوران الكساء والطعام الذي كان يأتيكم من منزل أيوب؟!
قال أيوب عليه السلام : يا رب إذا كانت هذه مشيئتك فسأخرج من القرية وأسكنفي الصحراء . . يا رب سامح هؤلاء على جهلهم ... لو كانوا يعرفون الحق ما فعلوا ذلكبنبيهم ....
هكذا وصلت محنةُ أيوب عليه السلام، حيث جاء أهلُ حوران وأخرجوه منمنزله .
كانوا يظنّون أن اللعنة قد حلّت به ، فخافوا أن تشملهم أيضاً .. نسواكل إحسان أيوب وطيبته ورحمته بالفقراء والمساكين !
لقد سوّل الشيطانُ لهم ذلكفاتّبعوه وتركوا أيوب يعاني آلام الوحدة والضعف والمرض .. لم يبق معه سوى زوجتهالوفية .. وحدها كانت تؤمن بأن أيوب في محنة تشبه محنة الأنبياء وعليها أن تقف إلىجانبه ولا تتركه وحيداً.
(5)
ضاقت الأحوالُ فمات الولدُ وجفَّ الخيرُوتصالحت الأمراض والبلايا على جسمه ، فقعد لا يستطيع أن يكسب قوت يومه .
وخرجتزوجته تعمل في بيوت حوران، تخدم وتكدح في المنازل لقاء قوت يومهما ..
وكانتزوجة أيوب عليه السلام تستمدّ صبرها من صبر زوجها وتحمّله . وقد أعدت لأيوب عليهالسلام عريشًا فى الصحراء يجلس فيه وكانت تخاف عليه من الوحوش والحيوانات الضالة،لكن لا حيلة لهما غير ذلك .
وظل الحال على ذلك أعواما عديدة وهما صابرينمحتسبين .
وفى يوم من الأيام ..
وبينما كانت الزوجة الصالحة خارج البيت ..
مرّ رجلان من أهل حوران – وكانا صديقين له قبل ذلك - توقفا عند أيوب عليهالسلامونظرا إليه، فرأوه على حالته السيئة من المرض والفقر والوحدة ..
فقالأحدهما : أأنت أيوب ! سيد الأرض
- ماذا أذنبت لكي يفعل الله بك هذا ؟!
وقالالآخر : انك فعلت شيئاً كبيراً تستره عنا ، فعاقبك الله عليه .
تألّم أيوب عليهالسلام . إن الكثير يتهمونه بما هو برئ منه .
قال أيوب عليه السلام بحزن : وعزّة ربي إنّه ليعلم ببراءتى من هذا.
تعجّب الرجلان من صبر أيوب عليه السلام ،وانصرفا عنه في طريقهما وهما يفكّران في كلمات أيوب عليه السلام !
أما زوجتهالصالحة فقد بحثت عمّن يستخدمها في العمل ، ولكن الأبواب قد أُغلقت في وجهها . . ومع ذلك لم تمدّ يدها لأحد .
وتحت ضغط الحاجة والفقر ، اضطرت أن تقص ضفيرتيهالتبيعهما مقابل رغيفين من الخبز .
ثم عادت إلى زوجها وقدّمت له رغيف الخبزعندما رأى أيوب عليه السلام ما فعلت زوجته بنفسها شعر بالغضب .
حلف أيوب عليهالسلام أن يضربها على ذلك مائة ضربة، ولم يأكل رغيفه كان غاضباً من تصرّفها ، ماكان ينبغي لها أن تفعل ذلك.
(6)
ورغم أن زوجة أيوب عليه السلامطلبت منه كثيرا أن يدعوا الله لكى يزيح عنه هذا البلاء الذى استمر هذه السنواتالعديدة فكان يرفض أن يشكو الله تعالى .
وتحمل المرض والبلايا .. وتحمل اتهاماتالناس.
لكن بيع زوجته لضفيرتيها هزه من الداخل ..
فنظر إلى السماء وقال :
يا رب إنّي مسّني الشيطان بنصبٍ وعذاب.
يا رب بيدك الخير كله والفضل كلهوإليك يرجع الأمر كله ..
ولكن رحمتك سبقت كل شئ ..
فلا أشقى وأنا عبدكالضعيف بين يدك ..
يا رب .. مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ..
وهنا .... أضاء المكان بنور شفاف جميل وامتلأ الفضاء برائحة طيّبة، ورأى أيوب ملاكاً يهبط منالسماء يسلم عليه ويقول :
نعم العبد أنت يا أيوب إن الله يقرئك السلام ويقول : لقد أُجيب دعوتك وأن الله يعطيك أجر الصابرين..
اضرب برجلك الأرض يا أيوب! واغتسل في النبع البارد واشرب منه تبرأ بإذن الله .
غاب الملاك ، وشعر أيوببالنور يضيء في قلبه فضرب بقدمه الأرض، فانبثق نبع بارد عذب المذاق .... ارتوى أيوبعليه السلام من الماء الطاهر وتدفقت دماء العافية في وجهه ، وغادره الضعف تماماً .
و بينما أيوب عليه السلام يغتسل عريانا خر عليه رِجْلُ جَرَادٍ من ذهب فجعليحثي في ثوبه . فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال بلى يا رب، ولكنلا غنى لي عن بركتك ..
خلع أيوبُ عليه السلام ثوب المرض والضعف وارتدى ثياباًتليق به ، يملؤها العافية والسؤدد .
وشيئاً فشيئاً .. ازدهرت الأرض من حولهوأينعت .
عادت الصحة والعافية .. عاد المال .. ودبت الحياة من جديد.
عادتالزوجة تبحث عن زوجها فلم تجده ووجدت رجلاً يفيض وجهه نعمة وصحته وعافية . فقالت لهباستعطاف :
ـ ألم ترَ أيوب . . أيوب نبي الله ؟ !
ـ أنا أيوب.
ـ أنت؟! إن زوجي شيخ ضعيف .. ومريض أيضاً !
ـ المرض من الله والصحة أيضاً .. وهوسبحانه بيده كل شيء .
ـ نعم .. لقد شاء الله أن يمنّ عليّ بالعافية وأن تنتهي محنتنا ! وأمرها أن تغتسل فى النبع ، لكى يعود إليها نضارتها وشبابها .
فاغتسلتفي مياه النبع فألبسها الله ثوب الشباب والعافية .
ورزقهما الله بنينا وبنات منجديد ..
ووفاء بنذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثا وهو ملء اليد من حشيش البهائم ، ثم يضربها به فيوفى يمينه و لا يؤلمها، لأنها امرأة صالحة لا تستحق إلا الخير.
وكان أيوب عليه السلام واحدًا من عبادالله الشاكرين فى الرخاء، الصابرين فى البلاء ، الأوَّابين إلى الله تعالى فى كلحال .
وعَرِفَ الناسُ جميعًا قصةَ أيوب عليه السلام وأيقنوا أن المرض والصحة منالله وأن الفقر والثراء من الله ..
فَاقْصُصِالقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ سورة الأعراف آية 176
وسجل اللهقصته فى القرآن الكريم فقال تعالى :
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىرَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُوَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ سورةالأنبياء الآية : 83 و 84
وقال تعالى :
وَاذْكُرْعَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ